قراءة في المخطط الصهيو أمريكي لحصار مصر اقتصاديًّا لرفض التهجير

قضايا محلية
قراءة في المخطط الصهيو أمريكي لحصار مصر اقتصاديًّا لرفض التهجير
١٦ دقيقةللقراءة
تاريخ النشر: ١ سبتمبر ٢٠٢٥

قراءة في المخطط الصهيو أمريكي لحصار مصر اقتصاديًّا لرفض التهجير

تحاول الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب وبالتنسيق والدعم المطلق لقادة الاحتلال الصهيوني، حصار مصر اقتصاديًّا، وذلك بعد ما رفضت فكرة تهجير أهالي غزة؛ فكان التحريض هنا وهناك، ومحاولات الحصار الاقتصادي، ومحاولة افتعال العديد من الأزمات للدولة المصرية، سيتم التطرق إليها في السطور التالية. ولِمَ لا، وقد خذل المجتمع الدولي، بل وبعض البلدان الإسلامية والعربية، أهالي غزة، الذين يَتَضَوَّرُون جوعًا وقهرًا لإجبارهم على الفرار، حتى جعل الاحتلال ما يُسَمَّى بمركز المساعدات الإنسانية "مصيدة" لمن يذهب باحثًا عن حِفْنَة من الأرز أو الدقيق لأسرته ليُقتَل بدم بارد! ولولا الموقف المصري لانتهت قضية غزة منذ أن جاء ترامب إلى البيت الأبيض؛ هذا المسن الذي يدعم كل أنواع القتل والإبادة، والتعذيب والتهجير. في هذا التقرير بمركز "وَرَّاق" للأبحاث والدراسات، سنسلط الضوء على مخطط ترامب - نتنياهو في تهجير أهل غزة، ومحاولة حصار مصر اقتصاديًّا لرفض ملف التهجير؛ نُوجزها في النقاط التالية:
  • مخطط الحصار الاقتصادي لمصر وتداعياته.
  • مجالات الحصار وأدوات تنفيذه على مصر.
  • ردود الفعل المصرية وطرق تفادي الحصار.
  • مصر ترفض محاولات مقايضتها اقتصاديًّا بتهجير الفلسطينيين.
  • قراءة في مخطط التهجير منذ الحركة الصهيونية وحتى حرب غزة.
  • كيف أجهضت مصر خطة ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء؟
لقد ردَّ الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر حسابه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي، على حديث ترامب بشأن حل أزمة سد النهضة بالقول: "نثمِّن حرص الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد، وتأكيده ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة". وفي الوقت ذاته، تجاهل الرئيس السيسي أي حديث آخر أو أي إشارة من ترامب تهدف إلى مقايضة الدولة المصرية مقابل ملف التهجير لأهل غزة؛ حيث أكَّد السيسي أن بلاده تدعم رؤية الرئيس الأمريكي في إرساء السلام والاستقرار داخل مناطق النزاع، سواء في إفريقيا أو أوكرانيا أو الأراضي الفلسطينية. مخطط الحصار الاقتصادي لمصر وتداعياته: تتعرض الدولة المصرية إلى ضغوط اقتصادية كبيرة نظرًا لرفضها مخطط التهجير، وذلك بالتزامن مع استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين من الدول العربية. كان رئيس الوزراء قد صرح في أبريل من العام الماضي 2024م. وتتمثل الأزمة الاقتصادية التي تحدث عنها رئيس الوزراء المصري في انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 60% عام 2024م، نتيجة التوترات الإقليمية، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، علاوة على ارتفاع معدلات التضخم. وتحاول الإدارة الأمريكية التضييق على مصر لكي تقبل بمخطط التهجير الذي أعلنت رفضه رفضًا قاطعًا؛ بل وعرضت خططًا للإعمار وخطة بديلة لإعادة توطين سكان غزة ووقف مجازر الاحتلال. مجالات الحصار وأدوات تنفيذه على مصر: لم تتوقف الحِيَل والخطط الترامبية في دعم نتنياهو ومحاولة الضغط على القاهرة لتنفيذ مخطط التهجير وطرد سكان غزة من أراضيهم. ومن بين هذه الأدوات: محاولة إغراء مصر برفع الديون وإغداق مبالغ مالية مقابل توطين سكان غزة في سيناء، ولكن في المقابل جددت القاهرة رفضها القاطع مرارًا لتهجير الفلسطينيين، حتى ولو مقابل دعمها اقتصاديًّا، وهو ما لقي تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن إشادة برلمانيين وإعلاميين، سواء مصريين أو عرب. وقالت الهيئة العامة المصرية للاستعلامات: إن القاهرة أعادت التأكيد على رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسرًا أو طوعًا لأي مكان خارجه؛ حيث إن مصر ترفض بشكل تام أي مزاعم تتداولها بعض وسائل الإعلام تتعلق بربط قبولها بمحاولات التهجير بمساعدات اقتصادية يتم ضخها لها (الشرق الأوسط). وذكرت الهيئة أن القضية الفلسطينية هي جوهر الأمن القومي المصري والعربي، مشيرة إلى أن موقف مصر من القضية الفلسطينية، لأكثر من 75 عامًا، ظل موقفًا مبدئيًّا راسخًا يُعْلِي من اعتبارات هذا الأمن القومي وحقوق الشعب الفلسطيني. نُذَكِّر أنه منذ 25 يناير قد اقترح الرئيس الأمريكي ترامب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلة من الرفض المصري أولًا ثم العربي؛ كان أبرزها: حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه، مرورًا ببيانات لوزارة الخارجية ومجلس النواب ترفض ذلك الاقتراح. مجلس النواب المصري يرفض: وأشاد مجلس النواب المصري، بالقول: إن هناك محاولات لإغراء مصر بتقديم مبالغ مالية مقابل استقبالها الفلسطينيين في أرضها، ولكن مصر رفضت هذا الأمر، والرئيس عبد الفتاح السيسي قال أكثر من مرة إنه لن يُباع شبر من أرضنا بمال الدنيا. وأشار أعضاء المجلس إلى أنه من الواضح أن السيناريو القادم هو ممارسة الضغوط على أهل غزة لدفعهم إلى التهجير الطوعي القسري تجاه الحدود المصرية، وهذا ما أعلنته السلطات الإسرائيلية، ولكن مصر تقف أمام هذا المخطط، وسبق أن قدمت خطة تعمير غزة بهدف إجهاض مخطط التهجير وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته، ولكن من الواضح أن هناك سيناريو كبيرًا للشرق الأوسط ومسألة التهجير جزء منه (الشرق الأوسط). لذلك نقول: إن البيان المصري بالرفض القاطع لمقايضة القاهرة اقتصاديًّا مقابل الرضوخ لمخطط التهجير هو موقف يستحق الإشادة؛ لأن مصر أكثر من تضررت اقتصاديًّا بسبب حرب غزة، حيث خسرت قناة السويس ولا تزال مليارات الدولارات، فضلًا عن الدعم المالي الكبير في شكل مساعدات الذي تقدمه مصر لغزة. أضف إلى ذلك -وهذا الموقف القوي-: أن مصر تبرهن للعالم واقعيًّا وفعليًّا أنها لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، حتى لو في مقابل حل أزمتها الاقتصادية؛ لأن مصر دفعت ثمنًا غاليًا لدعم القضية الفلسطينية، وهو الدم، بالتالي فالمال أقل ثمن يمكن أن تدفعه. إن موقف مصر واضح من قديم الأزل، ومن غير المقبول أن يزايد عليه أحد، وليس في الحرب الحالية فقط، وهو رفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين، وعدم التفريط في شبر واحد من أرض مصر مهما كانت الضغوط والإغراءات. نعم، لقد ظل موقف مصر ثابتًا وراسخًا، على مدى ثلاثة أرباع القرن، ويُعْلِي من مصلحة الأمن القومي وحقوق الشعب الفلسطيني، حيث تحملت مصر أعباء اقتصادية ومالية هائلة لم تَدْفَعْهَا في أي لحظة مطلقًا نحو أي تنازل، ولو طفيف، في مقتضيات أمنها القومي الخاص وأمن الأمة العربية العام، ولا في حق واحد مشروع للشعب الفلسطيني، وجددت مصر التأكيد على مبادئ سياستها الخارجية، التي تقوم على الأخلاق والرفض التام لأن يكون لاعتبارات المقايضة أي تأثير فيها (الشرق الأوسط). ردود الفعل المصرية وطرق تفادي الحصار: في وقت تدور فيه العلاقات المصرية - الأمريكية بين خطي الرحى وفي حالة من عدم الاستقرار والتوتر جراء الضغوط التي تُمَارِسُهَا واشنطن على مصر للقبول بمخطط تهجير الفلسطينيين أو إبداء مرونة في مراحل التفاوض لمصلحة وجهة النظر الإسرائيلية بخصوص غزة، ولكن تحاول مصر بالحوار مع الشركاء العرب وبعض البلدان الأوروبية وحثها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبالتالي تعزيز قوة وموقف الدولة المصرية، في مواجهة وجهة النظر الترامبية ودولة الاحتلال الصهيوني، وذلك بالتزامن مع عقد شراكات كبيرة مع بعض الدول -ومنها الصين- في إنشاء شركات ومصانع بالعين السخنة والمنطقة الاقتصادية بقناة السويس؛ لا سيما وللمرة الثانية خلال أقل من شهر فقط، يُفَجِّر حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سد النهضة الإثيوبي الذي "يَعُوق تدفق مياه النيل" إلى مصر، على حد تعبيره، موجة من الجدل حول دلالاته وتوقيت طرحه، لا سيما أن واشنطن كانت قد تَدَخَّلَت في السابق وقت ولاية ترامب الأولى لحل الأزمة، دون أن تتمكن من إحداث اختراق في مواقف أطرافها. وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول السد الذي يثير خلافًا كبيرًا بين إثيوبيا ومصر، في سياق حديثه عن عدد من المناطق الساخنة حول العالم، وذلك خلال لقائه الأمين العام لحلف الناتو مارك روته في البيت الأبيض قبل يومين، قائلًا: "نحن وإثيوبيا أصدقاء لكنهم بنوا سدًا منع وصول المياه إلى نهر النيل". مضيفًا: "أعتقد أن الولايات المتحدة مولت السد، لا أعلم لماذا لم تُحَل المشكلة قبل البناء، لكن من الجيد أن يكون النيل مليئًا بالمياه". وأمام إشارة الرئيس ترامب إلى أن نهر النيل منبع حياة ومورد دخل مهم للغاية بقوله: "إنه حياة مصر"، معربًا عن رغبته في "حل الأزمة سريعًا"، بدت ردة الفعل بين الأوساط السياسية المصرية قلقة حول "توقيت ودلالات" الطرح الأمريكي في شأن السد الإثيوبي، لا سيما أنها تأتي خلال وقت يخيم التوتر على العلاقات الرسمية بين البلدين إثر التباين في الرؤى والمواقف ضمن عدد من الملفات المتفجرة داخل الإقليم، وبخاصة الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة ومشروع "التهجير"، الذي طرحه ترامب في بداية ولايته وتتمسك به إسرائيل. كما عُرِض مخطط الصهيو أمريكي عبر دبلوماسيين سابقين في الخارجية الإسرائيلية وبعض صحف ووسائل إعلام أمريكية عن سداد ديون مصر، مقابل استقبال سكان غزة في سيناء، وهو ما رفضته الدولة المصرية شكلًا وموضوعًا، بل حتى حاولت القاهرة قطع كل الطرق لعدم الحديث في هذا الطرح المخزي الذي يخالف كل القوانين والشرعية الدولية. مصر تتكبد خسائر 10 مليارات جنيه من إيرادات قناة السويس: في وقت قريب، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: إن التحديات الإقليمية أَثَّرَت سلبًا في حركة الملاحة التجارية الدولية، مما أدى إلى خسارة مصر ما يزيد عن 60% من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، وهو ما يقرب من 8 مليارات دولار أو يزيد. وأفادت الرئاسة المصرية، أن الاجتماع الذي عقده السيسي مع الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس مؤخرًا قد "تناول تأثير الأوضاع الإقليمية على الحركة الملاحية بقناة السويس خلال العام الحالي"، والخسائر التي تم تسجيلها "على إثر الأحداث الراهنة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، والتي أَثَّرَت سلبًا في حركة الملاحة بالقناة واستدامة التجارة العالمية". ويشن الحوثيون في اليمن هجمات على سفن تعبر البحر الأحمر، فيما يقولون: إنها حملة لدعم الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، منذ أكثر من عام في قطاع غزة. وأجبرت الهجمات شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الأطول حول إفريقيا، مما أَثَّرَ في سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف؛ لذا نقول: إن ما يحدث سواء في قناة السويس أو في باب المندب هي ضربات مفتعلة لحصار الدولة المصرية واستغلال الأوضاع الاقتصادية للقبول بخطة تهجير سكان غزة، وهو ما رفضته القاهرة، لأنها الداعم الأقوى وربما الأوحد في المنطقة ضد تفريغ القطاع من سكانه. قراءة في مخطط التهجير منذ الحركة الصهيونية وحتى حرب غزة: لقد احتلَّت فكرة تهجير الفلسطينيين مكانة بارزة لدى قيادات الحركة الصهيونية منذ مؤتمرها الأول في مدينة بازل السويسرية سنة 1897، وعند مراجعة أرشيفها ووثائقها العبرية التي كُشِف عنها تباعًا منذ حرب 1967، يظهر أن مخططات الاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية بأقل نسبة من سكانها بعد تهجيرهم لم تكن فكرة ثانوية أو عبثية في أذهان مؤسِّسي هذه الحركة الخبيثة. حيث هي فكرة أساسية في سبيل تحقيق حلم الدولة اليهودية "النقيَّة"، وقد تُرْجِمَت هذه الخطط إلى تحركات عملية حين امتلكت الحركة الصهيونية ذراعًا عسكريًّا مثَّلته العصابات الصهيونية، التي تحولت لاحقًا إلى ما يُسَمَّى "جيش الدفاع الإسرائيلي"، إذ نفَّذت تلك القوة العسكرية عمليات التهجير الجماعي التي بلغت ذروتَها في نكبة 1948، والتي وصفها حتى مؤرِّخون إسرائيليون بعملية تطهير عرقي. كما ظهرت تلك العملية في التهجير القسري والعنيف في النكبة، إلا أن غالبية المخططات الإسرائيلية اعتمدت إما على تشجيع الهجرة الطوعية بالتضييق على اللاجئين أو على تقديم حوافز لدفعهم إلى الرحيل، وطوال عقود سبقت الحرب الحاليَّة على قطاع غزة وعمليات التهجير القسرية في الضفة الغربية، خضعت هذه المخططات –التي طُبِّق كثير منها– لنقاشات موسَّعة داخل أروقة مؤسسات الحكم الإسرائيلية بهدف تطوير آليَّاتها، لكي تبدو أكثر نجاعة وأقل فجاجة ولفتًا للأنظار. سيناريوهات التطبيق وردود الفعل المصرية: اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية طلب وزير الدفاع المصري عبد المجيد صقر إعلان قوات الجيش الثالث الميداني الجاهزية القتالية أنه "مسار تصادمي تَنْتَهِجُه مصر ضد إسرائيل والولايات المتحدة". وقد شدد وزير الدفاع المصري على أن مهام الجيش الثالث الميداني تتمثل في تأمين مدن قناة السويس ومحافظة شمال سيناء وحدود مصر المتاخمة لقطاع غزة، ما يعني نشوب حرب متوقعة بين مصر ودولة الاحتلال في حال إجبار أهالي غزة على الزحف إلى الحدود مع مصر، وهو ما أعلنته القاهرة صراحة. حيث تخوفت وسائل الإعلام العبرية أن مصر تستمر في مسار الصدام مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهذه المرة على لسان وزير الدفاع المصري بالاستعداد للحرب في أراضي سيناء إذا تم تنفيذ خطة تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، وكان وزير الدفاع قد زار الوحدات المصرية القتالية المنتشرة في سيناء ومنطقة رفح المصرية ليلة الثلاثاء الماضي، ودعاها إلى الحفاظ على "الاستعداد التام لأي تصعيد". وفي ذات الوقت، فقد حذر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، من أن ارتفاع حدَّة القصف المتبادل بين إسرائيل وحماس في ظل حرب الإبادة والتجويع يهدِّد باندلاع «حرب إقليمية شاملة»، مشدِّدًا على أن التصعيد «يُؤَثِّر سلبًا» في مفاوضات الهدنة في غزة. وقال الوزير في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك قلق بالغ من حدوث ما حَذَّرَت منه مصر، من إمكانية حدوث تصعيد شامل في المنطقة يقود إلى حرب إقليمية شاملة»، لافتًا إلى أن التصعيد الأخير «يُؤَثِّر سلبًا» في مفاوضات ترمي للتوصل إلى هدنة بغزة، تؤدي في إطارها مصر دور وساطة. كيف أجهضت مصر خطة ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء؟ رفضت مصر وجميع الدول المقترحة لاستقبال الفلسطينيين خطَّة ترامب، وخاصة القاهرة والأردن، ولكن وافقت بعض الدول في وقت سابق على قبول عدد محدود من الفلسطينيين ممَّن لديهم أقارب فيها، فمنحت كندا ألف تأشيرة لجوء لثلاث سنوات لأقارب فلسطينيين يحملون جنسيَّتها. وقدَّر السفير الفلسطيني في مصر، دياب اللوح، عدد الغزَّيِّين فيها بنحو مئة ألف شخص بحلول أبريل 2025، لم يقتصر ترحيل الفلسطينيين على قطاع غزة خلال حرب السابع من أكتوبر فقط، فقد شهدت الضفة الغربية موجة نزوح وتهجير في مخيمات اللاجئين، لاسيَّما طولكرم ونور شمس وجنِّين، وجرَّف الاحتلال شوارعها وطرد سكانها وحظر عودتهم إليها، لكن من الملاحظ لما يحدث لأهل غزة هو تشابه السياسة الإسرائيلية بشأن الفلسطينيين تمامًا مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وتعامل المستعمرين البيض مع السكان الأصليين في أمريكا، والتطهير العرقي النازي ضد اليهود في أوروبا، ولكن الفريد هو أن كل هذه النماذج باتت من التاريخ، ما عدا غزة التي تعيش مذبحة مفتوحة وخطط تهجير وتشريد قسري يعلنها زعماء سياسيون مع أنها جرائم حرب في القانون الدولي. خطة ترحيل الفلسطينيين إلى بلدان عربية وأجنبية: وبعد أسابيع من الحرب، قال مقرب من صُنَّاع القرار يدعى رفائيل بن ليفي إن السبيل الوحيد الممكن لتحقيق الاستقرار في غزة هو ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، وإنشاء مبادرة دولية لاستقبالهم في دول أجنبية. وقبل نهاية السنة أعلن عن مخططات أخرى للتهجير. فقد دعا الكنيست إلى صياغة خطة تسمح بهجرة الفلسطينيين من غزة بعد الرفض المصري إلى البلدان العربية والأجنبية التي توافق على استقبالهم ودعمهم ماليًّا، كذلك أسَّس عضو حزب الليكود أمير ويتمان مبادرة "حركة الهجرة الإنسانية لسكان غزة"، ولكن الثقل الأهم في خطط التهجير كان في دعم واشنطن العلني للمرة الأولى. فقد أوردت صحيفة "إسرائيل هَيُوم" أن النائب في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون دعم خطة تربط المساعدات الأمريكية لدول عربية بقبول استقبال لاجئين من غزة، ولم تصدر تصريحات رسمية بعد الضجة الإعلامية حولها. وفي نوفمبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع مغلق لكتلة الليكود عن بدء العمل على تسهيل ترحيل سكان غزة لدول أخرى، مع اعترافه بصعوبة العثور عليها. في سبتمبر 2024 عاد الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، صاحب خطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وطرح ومعه ضباط في الجيش الإسرائيلي مقترحًا عُرف باسم "خطة الجنرالات" للقضاء على حركة حماس في شمال غزة وإعادة استيطانها. وقامت الخطة على تهجير السكان إلى جنوب القطاع، وفرض حصار كامل وسياسة تجويع شاملة على منطقة الشمال، وتصيير جميع من يبقى فيها هدفًا عسكريًّا. ومع أن الجيش لم يعلن رسميًّا تبنِّيَه الخطة، إلا أنه توخَّى تنفيذَها عمليًّا، وتزامن التهجير نحو جنوب القطاع مع تصاعد صوت دعوات التهجير والتوطين في شمال سيناء. ورافقها مقتل الآلاف في القصف وطرق النزوح والخيام وبسبب التجويع والتدمير الممنهج للقطاع الصحي. لقد شهدت الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 قتل أكثر من ستين ألف فلسطيني، ونزوح نحو مليوني منهم داخليًّا عدة مرات، وقالت الأمم المتحدة إن 92 بالمئة من المساكن دُمِّرَت أو تضرَّرَت جزئيًّا مع انهيار المنظومة الصحية والمرافق الحيوية، ما يجعل وضع التهجير داخل القطاع أكثر ديمومة حتى إن انتهت الحرب. حيث توَّج الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية وخطط التهجير في القطاع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير 2025 خطَّتَه لإخلاء سكان غزة نحو مصر والأردن ودول أخرى. وهي خطة رفضتها الدول العربية في تصريحات علنية بقيادة مصرية، فيما رحَّب بها السياسيون الإسرائيليون وخاصة المنتمون لأحزاب اليمين. وزعم بن غفير أنها تحقيقًا للحل الوحيد لغزة المتمثل بتشجيع هجرة سكانها، وسمَّاها رئيس الكنيست أمير أوحانا "فجر يوم جديد"، وزعم ليبرمان إن "الحل العادل في غزة يمر عبر سيناء". وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية في مارس 2025 إطلاق أول مشروع تجريبي لتشجيع الهجرة الطوعية من غزة بقيادة منسِّق أنشطتها هناك الجنرال غسَّان عليان (مجلة الفراتس). خطة ترامب لتطهير غزة عبر نقل سكانها لمصر والأردن: طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت خطة لـ"تطهير" غزة حيث الداعم للقتل والتجويع للضغط على السكان، قائلًا إنه "يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط"، ولكن بالرغم من معاناة أهل غزة وقتلهم بدم بارد ومواجهة الموت والدمار منذ السابع من أكتوبر في واحدة من أكبر جرائم الإنسانية في القرن 21، لمجرد البقاء على أرضهم ووطنهم، وبالتالي وبمساعدة ورفض مصري حثيث، فقد رفضوا أي مقترحات أو حلول، حتى لو بدت حسنة النية تحت ستار إعادة الإعمار، كما زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي مقابل رفض التهجير فقد أعلن الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الأمن القومي باراك رافيد: أن ترامب أَمَرَ وزارة الدفاع برفع الحظر عن إرسال القنابل التي تزن 2000 رطل لإسرائيل. وهذا النوع من القنابل الكبيرة التي يُجرَى إسقاطها من الجو، دقيق وشديد التدمير، ويُستَخدم بشكل عام لإحداث أضرار واسعة النطاق ضد أهداف مثل المنشآت العسكرية ومراكز القيادة والبنية التحتية، حيث الهدف هو القضاء على ما تبقى من غزة وترحيل شعب من أرضه لخدمة أجندة صهيونية مارقة (بي بي سي). إذًا نقول: إن صمود أهل غزة وبدعم مصري قوي، ساهم في إحباط كل مخططات ترامب ونتنياهو في التهجير والوطن البديل على مدى عقود، كما يرفض مثل هذه المشاريع أيضًا، فهو شعب قادر على إعادة إعمار غزة بشكل أفضل من ذي قبل، شريطة رفع الحصار عنه. لا شك أن الشعب الفلسطيني بصموده ومقاومته، سيُفْشِل هذا المخطط الخبيث كما أفشل مخططات سابقة كثيرة، لاسيما أن تصريحات ترامب المدانة والتي تتنصل من كل القوانين الدولية، تلك التي تتساوى مع أسوأ ما في أجندة اليمين الصهيوني المتطرف، واستمرار لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه، وأرضه التي غرقت بدماء أبنائه ولا تزال بسبب الدول الغربية التي لطالما تشدقت بحق الحياة والإنسانية في شكل خطابات، وهي لا تعرف عنها سوى الحِبْر الذي تُكْتَب به. الخلاصة:
  • لقد وقفت الدولة المصرية، ودون أي مزايدة من أحد على موقفها في دعم القضية الفلسطينية، أمام مخطط نتنياهو - ترامب في تهجير أهل غزة ورفض تفريغ القطاع من سكانه الحقيقيين لأجل مدينة "ريفييرا ترامب" وتطبيق مخطط دولة الاحتلال المزعوم من النيل إلى الفرات.
  • لكن مقابل هذا الرفض دفعت مصر ولا تزال ثمنًا باهظًا، والتي عُرِضَ عليها مرارًا سداد ديونها لصندوق النقد الدولي، ثم تبعه بعد ذلك حل أزمة السد الإثيوبي الذي مُوِّلَ بأموال أمريكية وغربية مقابل أن تسمح مصر بإنشاء "مدينة خيام" على الحدود في رفح الفلسطينية.
  • ولا شك أن صمود أهل غزة وبدعم مصري قوي، ساهم في إحباط كل مخططات ترامب ونتنياهو في التهجير والوطن البديل على مدى عقود، فهو شعب يقولها بصراحة إنه قادر على إعادة إعمار غزة بشكل أفضل من ذي قبل، شريطة رفع الحصار عنه.
  • إن البلطجة الأمريكية في الأساس لتغيير خريطة الشرق الأوسط، لن تنجح في حال تكاتف العالم العربي والإسلامي مع مصر أولًا، لأنها الضامن الوحيد والأقوى في المنطقة ضد مخطط التهجير وتفريغ القطاع من سكانه، وبصراحة لولا موقف الدولة المصرية القوي لما استمر صمود شعب غزة أمام هذا الاحتلال الدموي البربري.
  • إن مخطط تهجير أهل غزة واحتلالها من قبل دولة الاحتلال ليس وليد اللحظة أو حتى ردًا على عملية السابع من أكتوبر؛ بل هو مخطط قديم للغاية، وذلك وفق دراسة للمفكِّر الفلسطيني "إيليا زريق"، الذي فنَّد ذلك في ثماني مراحل من أجل التهجير.
  • لقد أمعن الاحتلال في قتل المدنيين الأبرياء، وجعل من مدينة المساعدات المزعومة "مصيدة" لقتل كل من يبحث عن حِفْنَة من الأرز أو الدقيق لأسرته ليُقتَل بدم بارد أمام المجتمع الدولي الذي فقد ضميره الإنساني، ولولا الموقف المصري لانتهت قضية غزة منذ جاء ترامب إلى البيت الأبيض.
  • أخيرًا نقول: إن ضربات الحوثيين في اليمن والهجمات على سفن تعبر البحر الأحمر، فيما يقولون إنها حملة لدعم الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والتي أجبرت شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الأطول حول إفريقيا، تُعَد ضمن مخطط أمريكي بامتياز لحصار مصر اقتصاديًّا حتى ترضخ للتهجير، ولكنه لن يحدث إن شاء الله، لأنه حق في مواجهة الباطل، ومقاومة ضد محتل.
المصادر: - بي بي سي. - الشرق الأوسط. - مجلة الفراتس. كلمات مفتاحية: مخطط صهيو أمريكي - حصار مصر اقتصاديًّا – رفض التهجير - تجويع أهل غزة

الكلمات المفتاحية

مصرغزةالتهجيرترامبالفلسطينيينمخططتهجيرالمصريةالرئيسالمصري