قمة مصر وجزر القمر.. قراءة في مخرجات ونتائج زيارة غزالي للقاهرة ودورها في تعزيز الإستراتيجية المصرية في شرق إفريقيا
ملفات خارجية

قمة مصر وجزر القمر.. قراءة في مخرجات ونتائج زيارة غزالي للقاهرة ودورها في تعزيز الإستراتيجية المصرية في شرق إفريقيا
تربط مصر وجزر القمر علاقات دبلوماسية متنامية، انعكست في تبادل الزيارات الرسمية وتعزيز التنسيق السياسي داخل الاتحاد الإفريقي. يسعى البلدان من خلال زيارة رئيس جمهورية جزر القمر "عثمان غزالي" إلى القاهرة، إلى تعميق التعاون الاقتصادي عبر مجالات الزراعة، والصيد البحري، والطاقة المتجددة. وتلعب مصر دورًا محوريًّا في دعم جهود التنمية والبنية التحتية في جزر القمر عبر منح وقروض ميسرة وبرامج تدريبية متخصصة، كما تَستفيد مصر من الاستقرار الأمني في جزر القمر لتعزيز أمن الممرات البحرية بمياه المحيط الهندي وخليج عدن، وحماية خطوط الشحن؛ ولذا تُعَدُّ العلاقات بين الجانبين محورية على كافة الأصعدة الاقتصادية والتجارية والأمنية، ما يفتح الباب لمزيد من تطور الشراكات المستقبلية. فكيف يمكن قراءة تاريخ تطور العلاقات بين مصر وجزر القمر؟ وما تفاصيل زيارة رئيس جمهورية جزر القمر إلى القاهرة وبرنامج الزيارة؟ وكيف يمكن قراءة أبعاد ودوافع الزيارة في هذا التوقيت في ظل التطور السريع للعلاقات بين مصر وجزر القمر؟ ماذا عن ردود الفعل الإثيوبية والأمريكية في ظل التوسع السريع للعلاقات المصرية الإفريقية؟ ماذا عن أهمية العلاقات بين القاهرة وموروني لكلا الجانبين؟ وفي ظل العلاقات المصرية مع دول شرق إفريقيا عمومًا وجزر القمر خصوصًا، كيف يمكن قراءة مستقبل الحضور المصري في شرق إفريقيا؟ يسلط مركز "رواق" للأبحاث والرؤى والدراسات، في هذا التقرير عبر دراساته وتحليلاته المختلفة، الضوء على زيارة رئيس جمهورية جزر القمر إلى مصر وأبعادها المختلفة في ظل التطور السريع للعلاقات بين الجانبين والحضور المصري المتزايد في إقليم شرق إفريقيا، في هذه السطور الآتية. تاريخ تطور العلاقات بين مصر وجزر القمر: تعود بداية العلاقات بين مصر وجزر القمر إلى عام 1975م، حيث اعترفت مصر باستقلال جزر القمر عام 1975م، وأنشأت علاقات دبلوماسية رسمية في 26 مايو 1976م بتبادل السفراء بين الجانبين؛ كما رَسَّخَت القاهرة تمثيلها الدبلوماسي في موروني، وموروني بدورها افتتحت سفارة في القاهرة، ما وضع إطارًا مؤسسيًّا للعلاقات بين البلدين. ومع مطلع عام 2000م، جرت زيارات وزراء وخبراء مصريين إلى موروني لبحث التعاون الزراعي والأمني، وقدَّمَت مصر مساعدات فنية في مجالات الشرطة والجمارك. وخلال الفترة بين عامي: 2010م و2014م، جرت جلسات حوار إستراتيجي في القاهرة وموروني حول مكافحة الإرهاب البحري وحماية خطوط الملاحة في المحيط الهندي (مصر وإفريقيا). وبين عامي: 2015م – 2016م، أُطلِقَ أول المشروعات المشتركة للطاقة الشمسية وتحديث موانئ جزر القمر بدعم فني مصري. وفي عام 2018م جرت برامج تبادل أكاديمي ومنح دراسية لطلبة من جزر القمر في الجامعات المصرية، وإنشاء ورش عمل في مجالات الصحة والتعليم العالي. وبدءًا من العام 2019م، جرت قفزات نوعية في العلاقات بين البلدين، عبر لقاء الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بنظيره "عثمان غزالي" في شرم الشيخ، وتأسيس مجلس اقتصادي مشترك لتنسيق المشروعات، ومشاركة وفد جزر قمري رفيع المستوى في منتدى مصر للإصلاحات الاقتصادية، وتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون الرقمي والاتصالات الفضائية (بوابة الأهرام). وفي عام 2022م، جرت زيارات متبادلة لوزراء النقل والاتصالات، واتفاقات لإنشاء خط ملاحي مباشر بين موانئ مصر وجزر القمر. وترتكز العلاقات بين مصر وجزر القمر على عدة أهداف محورية للجانبين، منها: الأمن البحري، والتنمية الاقتصادية، والتكامل المؤسسي، وتنسيق التحركات على المستوى الإفريقي، وتحديدًا في إقليم شرق إفريقيا، إلى جانب الدبلوماسية الإفريقية الموحدة. فمنذ تأسيسها عام 1976م، نمت العلاقات بين مصر وجزر القمر من تواصل دبلوماسي بسيط إلى شراكة إستراتيجية تمتد عبر الأمن والاقتصاد والثقافة، مع آفاق تنمية متسعة للتعاون مستقبلًا. تفاصيل زيارة رئيس جمهورية جزر القمر إلى القاهرة وبرنامج الزيارة: تعكس زيارة "غزالي" تنامي التوجه لدى حكومة موروني نحو مزيد من التعاون مع القاهرة. توجه رئيس جمهورية جزر القمر "عثمان غزالي" إلى القاهرة في 6 مايو 2025م، في زيارة رسمية أُجرِيَت بدعوة رسمية من الرئيس "عبد الفتاح السيسي". شملت الزيارة يومي: 6 و7 مايو 2025م، وتأتي في إطار جولة إفريقية للرئيس "عثمان غزالي" لتعزيز التعاون مع القاهرة وتقوية الوجود المصري على الصعيد القاري (القاهرة الإخبارية). استقبل الرئيس "السيسي" رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة في قصر الاتحادية، إذ أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية والمتميزة بين البلدين. كما بَحَثَ الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجالات الأمن المشترك، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب وقرصنة البحر الأحمر والمحيط الهندي. واتفق الزعيمان على إطلاق خطة تعاون اقتصادي وتجاري شاملة، من خلال خريطة طريق تتضمن: إطلاق دورات تدريبية وورش عمل متخصصة لتنمية قدرات الكوادر الحكومية، واستكشاف مشروعات مشتركة في مجال استغلال الثروات المعدنية والطاقة المتجددة بالمحيط الهندي (اليوم السابع). إلى جانب تأسيس مجلس اقتصادي مشترك لتسهيل الاستثمارات وتوسيع التبادل التجاري، فضلًا عن فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية والجزر القمرية، والاستفادة من اتفاقيات تفضيلية بينها وبين دول إفريقيا. وفي ظل ذلك المشهد، تعكس الزيارة تجسيد الدور المحوري للقاهرة في المصالح القارية، كما تَعكس حرص مصر على دفع عملية التكامل الاقتصادي مع دول إفريقيا. سلطت وسائل إعلام مصرية الضوء على أبعاد الزيارة التي تُنعش التعاون الإفريقي – الإفريقي عبر القاهرة، كمركز للاتصال والدبلوماسية الإفريقية. وعلى المدى البعيد، اتفق الجانبان على متابعة تشكيل آليات تنفيذية لمخرجات مجلس التعاون الاقتصادي المشترك، وتنظيم منتدى سنوي لرجال الأعمال من مصر وجزر القمر لتبادل الفرص الاستثمارية، إلى جانب إطلاق برامج تبادل طلابي وأكاديمي لتعميق التواصل الثقافي والعلمي، ودراسة إقامة خط ملاحي مباشر بين موانئ مصرية وجزر القمر لتسهيل حركة البضائع والمسافرين. أبعاد ودوافع الزيارة في هذا التوقيت في ظل التطور السريع للعلاقات بين مصر وجزر القمر: تقع جزر القمر في موقع إستراتيجي بالغ الحساسية على المحيط الهندي، بالقرب من مضيق موزمبيق، الذي يُعَدُّ أحد أهم ممرات التجارة البحرية بين آسيا وإفريقيا. ومن ثَمَّ، يمكن النظر إلى أي تقارب مصري – قمري كجزء من تحركات أوسع للقاهرة، تهدف إلى تثبيت موطئ قدم لها في منطقة تزداد فيها التحديات، من أزمة البحر الأحمر إلى التنافس الدولي في السواحل الإفريقية. وفي تقديري: تندرج الزيارة ضمن إستراتيجية مصرية صامتة لإعادة التموضع في فضاء طالما هيمنت عليه قوى إقليمية ودولية، مثل فرنسا والهند والصين وتركيا، فضلًا عن نفوذ متنامٍ للإمارات والسعودية في أرخبيلات المحيط الهندي. وإذا كانت القاهرة قد ركزت في السنوات الأخيرة على شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، فإن جزر القمر تُمثل حلقة مُكملة لهذا الطوق الجنوبي الشرقي من النفوذ. وتعكس ملفات التباحث بين الزعيمين "السيسي" و"غزالي"، التي اشتملت على ملفات إستراتيجية وسياسية وتنموية، تعدد أبعاد ودوافع زيارة "غزالي" للقاهرة في هذا التوقيت، الذي يشهد تنافسًا مُحتدمًا بين قوى إقليمية ودولية، مثل (تركيا، وفرنسا، والصين، والولايات المتحدة، وروسيا) لتوطين العلاقات مع دول الإقليم وتوسيع خريطة النفوذ والتأثير الجيوسياسي في المنطقة. فعلى الصعيد الأمني والإستراتيجي، يُمثل التنسيق الأمني في مكافحة الإرهاب وحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي تأكيدًا لأهمية البُعد الإفريقي في أمن المنطقة، ويعكس نجاح الدبلوماسية المصرية في بناء موقف إقليمي لمواجهة التهديدات البحرية. وعلى صعيد البُعد السياسي والدبلوماسي، تؤكد الزيارة الدور المحوري لمصر في القارة الإفريقية واستمرار قيادتها وتأثيرها السياسي والدبلوماسي خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي؛ كما تَأتي الزيارة لتعزيز العلاقات الثنائية في إطار رؤى مشتركة للمصالح الإفريقية وتنسيق التحركات المشتركة بين القاهرة وموروني. وعلى الجانب الاقتصادي والتنموي: يُعَدُّ انطلاق مجلس اقتصادي مصري – جزر قمري لتفعيل مشاريع مشتركة في الطاقة المتجددة واستغلال الثروات البحرية خطوة محورية لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي مع دول إفريقية عدة، ويفتح بذلك آفاقًا استثمارية في مجالات البنية التحتية والنقل البحري والثروات المعدنية بالمحيط الهندي. وعلى صعيد البُعد الاجتماعي والثقافي، يُمثل تدشين برامج تبادل أكاديمي ومنح دراسية بين الجامعات المصرية والجزر القمرية خطوة باتجاه تقوية الروابط الشعبية وتعزيز التواصل الديني والثقافي مع الجاليات المصرية في جزر القمر، كجزء من الدبلوماسية الناعمة. ومن المرجح أن تسعى القاهرة لتكرار نموذج "المقاولون العرب" الاستثماري ومشروعات الشركات الوطنية في إفريقيا ودول حوض النيل، لكن الأهم أنها تتحرك نحو جزر القمر باعتبارها ساحة جديدة للتوازن مع أطراف تتقاطع مصالحها مع مصر، لا سيما تركيا، التي كثَّفَت من وجودها في جزر القمر خلال الأعوام الماضية، عبر اتفاقيات تعليمية ودينية وتنموية. وبالنظر إلى دوافع توقيت الزيارة، فتتمثل في متابعة تنفيذية سريعة لمخرجات المجلس الاقتصادي بعد شهر من تأسيسه، وتقليص الفجوات الإجرائية، إلى جانب استثمار مرحلة رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي لاستقطاب دعم جزر القمر للقضايا الإفريقية المشتركة، والاستفادة من زخم التقارب السريع في العلاقات لتسريع مشروعات الطاقة المتجددة والأمن الغذائي وحماية الصيد البحري. أثر تطور العلاقات بين مصر وجزر القمر على خريطة النفوذ الجيوسياسي للقوى الإقليمية والدولية في شرق إفريقيا: من شأن تنامي العلاقات بين مصر وجزر القمر إحداث تغييرات في مشهد التوازنات الجيوسياسية في إقليم شرق إفريقيا على عدة أصعدة. ففيما يتعلق بالوجود البحري المصري في الإقليم، فإن الموقع الإستراتيجي لجزر القمر عند مدخل قناة موزمبيق يمنح مصر منصة لتوسيع دورها البحري في المحيط الهندي، ومراقبة مسارات الشحن التجاري وحماية خطوط الملاحة البحرية. كما أن بناء قدرات عسكرية وأمنية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول مكافحة الإرهاب والقرصنة والتهديدات البحرية، يُقلص هامش تحرك القوى التقليدية في المنطقة. ويُعَدُّ انضمام جزر القمر إلى آليات الاتحاد الإفريقي والاتحاد لدول المحيط الهندي دعمًا لمسعى القاهرة لترسيخ دور مصري ضمن المنتدى الإقليمي. وفيما يتعلق بخريطة النفوذ الفرنسي في شرق إفريقيا، فإن فرنسا احتفظت بنفوذ تقليدي في جزر القمر من خلال التقارب الثقافي والاقتصادي. إلا أن التقارب بين مصر وجزر القمر يُضعف هذه الهيمنة التقليدية الفرنسية، كما أن القاهرة تقدم بدائل استثمارية في البنية التحتية والطاقة المتجددة، مما يُقلل من اعتماد موروني على دعم باريس الاقتصادي والاستثماري والتجاري، ويعزز خيارًا مصريًّا في صنع القرار الوطني لحكومة موروني. وهذا التحول من شأنه أن يمنح دول شرق إفريقيا انطباعًا بقدرة مصر على تقديم شراكة جنوبية – جنوبية بديلًا عن النفوذ الاستعماري القديم (العربي الجديد). وفيما يتعلق بتركيا والقوى الخليجية في الإقليم، فإن الإمارات والسعودية تَستثمران بقوة في الموانئ والمشاريع اللوجستية في شرق إفريقيا. وعقد مصر اتفاقيات مع جزر القمر يُشكل تحديًا لتوسعهما الاستثماري، إذ يؤسس حضور القاهرة لحلف بحري تجاري يوازن التواجد الخليجي. كما أن تركيا تَنشط دبلوماسيًّا وتجاريًّا في ساحل شرق إفريقيا، ودعم مصر لموروني يعزز موقعها الإقليمي ويفتح منافسة على أسواق الصيد البحري والطاقة. والتواجد المصري الأمني والاقتصادي على أرخبيل القمر يحفز بدوره المقاولات التركية والخليجية على تعزيز عروضها، في سباق جديد للنفوذ. وعلى صعيد القوى الدولية الحاضرة في إقليم شرق إفريقيا، والتي أبرزها: الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا، فإن الصين تُوسع مبادرات الحزام والطريق في شرق إفريقيا، ومصر كشريك لموروني تَستطيع تنسيق مشاريع بنية تحتية صينية – مصرية مشتركة من ميناء موروني إلى معظم مناطق شرق إفريقيا وجنوبها. وتدعم الولايات المتحدة دور مصر في أمن الملاحة وبناء قدرات دول المحيط الهندي، وتعزز التعاون بين مصر وجزر القمر بوصفه ركيزة لضبط النفوذ الروسي والصيني؛ كما أن الهند تُولي أهمية كبيرة لقناة موزمبيق كطريق بحري بديل، وتحالف القاهرة وموروني يوفر إطارًا لمشروعات أمنية واقتصادية هندية–مصرية في المياه الإقليمية. ويمكن القول: يتجلَّى أثر هذا التقارب في إعادة توزيع أدوار الفاعلين الإقليميين والدوليين شرق إفريقيا. فالقاهرة، من خلال موروني، تُرسخ نفوذًا بحريًّا وأمنيًّا، تُنافس النفوذ الفرنسي وتوازن الدور الخليجي والتركي، وتؤسس شراكات إستراتيجية مع القوى الكبرى لضمان ممر بحري مفتوح ومستقر. ردود الفعل الإثيوبية والأمريكية في ظل التوسع السريع للعلاقات المصرية الإفريقية: تواجه إثيوبيا تحفظات متنامية تجاه التوسع السريع للعلاقات المصرية مع دول إفريقيا، حيث ترى أديس أبابا أن تصاعد النفوذ المصري قد يُقلص دورها القيادي في منطقة القرن الإفريقي. تظهر هذه المخاوف في سياق الخلاف حول سد النهضة وتأثيره في حصص المياه الإثيوبية. كما رَدَّت إثيوبيا بتعزيز تحالفاتها الإقليمية مع السودان وإريتريا وبعض دول شرق إفريقيا، وساهم الإعلام الرسمي الإثيوبي في إبراز هذه المخاوف ورسم معالم تنافس جديد على النفوذ. كما تَعتمد الولايات المتحدة على نهج متوازن يجمع بين دعم الشراكة مع مصر ومراقبة تأثيرها في إفريقيا. ترحب واشنطن بالتعاون الأمني والاقتصادي المصري لتعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب في القرن الإفريقي. وفي الوقت نفسه، تُحافظ أمريكا على علاقاتها الإستراتيجية مع إثيوبيا وتَحرص على عدم إغضابها. تسعى واشنطن إلى استثمار التوسع المصري في تعزيز مبادرات التجارة والاستثمار الأمريكية الإفريقية، وتَستخدم الجانب الأمريكي أدوات الدبلوماسية والتمويل التنموي لخلق توازن بين القوى الإقليمية. وتشمل الأبعاد الإستراتيجية للتفاعل الإثيوبي والأمريكي مع النفوذ المصري عناصر جغرافية وسياسية واقتصادية. فجغرافيًّا، يَستوجب تصاعد النفوذ المصري إعادة ترتيب خطوط التعاون في حوض النيل وخليج عدن. وسياسيًّا، يخلق التنافس توازنًا قيد التشكل بين المحاور الإقليمية ويُحفز دول الجنوب على التنويع. واقتصاديًّا، يفتح التوسع مجالاً لمشاريع بنية تحتية وتجارية مشتركة بين مصر والدول الإفريقية. وأمنيًّا، تنشأ تحالفات متعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب وتأمين ممرات الشحن البحرية الحيوية. أهمية العلاقات بين القاهرة وموروني لكلا الجانبين: مع تنامي العلاقات بين مصر وجزر القمر على مختلف الأصعدة، فإن زيارة الرئيس "غزالي" إلى القاهرة في مايو 2025م جاءت لتؤسس لإطار شراكة إستراتيجية تَعمق التعاون بين البلدين بصورة أكبر وأكثر فاعلية، في مجالات الأمن، والطاقة، والتنمية، واللوجستيات. تمثلت أهمية الزيارة الأخيرة "لغزالي" للجانب المصري في تعزيز الأمن البحري في البحر الأحمر والمحيط الهندي، عبر تنسيق استخباراتي لمكافحة القرصنة وحماية خطوط الملاحة وتوسيع النفوذ الإفريقي لمصر وإضعاف النفوذ الاستعماري التقليدي، مما يُعزز مكانة القاهرة كقوة مؤثرة إفريقية؛ هذا إلى جانب أن فتح آفاق استثمارية جديدة في الطاقة المتجددة والثروات البحرية تَتيح للشركات المصرية التوسع في السوق الإقليمي. ومناقشات لفتح خطوط ملاحة جوية وبحرية مباشرة بين القاهرة وموروني من شأنها تعزيز الروابط التجارية والسياحية. وتمثلت مكاسب الزيارة ومخرجاتها لجزر القمر في نقل الخبرات المصرية في التدريب الأمني والزراعي والصحي، من خلال دورات وورش عمل متخصصة لأجهزة الأمن والكفاءات الحكومية، وتطوير البنية التحتية للنقل البحري والجوي والاتصالات بالاستعانة بالخبرات الفنية المصرية، وتسهيل وصول السلع والخدمات (الشرق الأوسط). إلى جانب جذب التمويل والاستثمارات في مشروعات الطاقة الشمسية والصيد البحري والاستزراع المائي، لتعزيز النمو المحلي والاستقلال المالي، وتعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي عبر منح دراسية وبرامج تبادل طلابي وأكاديمي تَربط جامعات موروني بمؤسسات القاهرة. وهذه العلاقة المتميزة تُمثل نموذجًا لفرص التكامل الإفريقي – الإفريقي، حيث تلتقي مصالح الأمن والتنمية والطاقة لقيادة جديدة في بناء شراكات فعالة ومستدامة. مستقبل الحضور المصري في شرق إفريقيا في ظل تنامي العلاقات بين القاهرة وموروني: يُهيئ التقارب بين القاهرة وموروني قاعدتين مصريتين للعمليات البحرية في المحيط الهندي، ما يَتيح للبحرية المصرية مراقبة خطوط الملاحة ومكافحة القرصنة في المدخل الجنوبي لقناة السويس؛ كما أن تحفيز إنشاء خط ملاحي مباشر بين موانئ السخنة وموروني يُسهم في خفض كلفة الشحن ويَساهم في إطلاق تجارة ثنائية مبسطة للسلع الزراعية والصناعات الخفيفة، ما يؤشر على توجه لدى حكومتي القاهرة وموروني للدفع باتجاه التكامل الاقتصادي والتجاري بين البلدين مستقبلًا. كما تُشجع الشراكات اللافتة بين مصر وجزر القمر، في مشاريع الطاقة الشمسية والاستزراع المائي للتصدير للدول المُطلة على المحيط الهندي، في دفع دول أخرى في إقليم شرق إفريقيا للدخول على خط الشراكات الاستثمارية المتنامية، ما يُغذي نمو شبكات الاستثمار الإفريقية بشكل أكبر. كما يُتوقع أن يؤدي التواجد المصري المتزايد في الإقليم إلى توسيع نقطة التقاء لعواصم شرق إفريقيا، بالتركيز على منظومات التكامل الرقمي واللوجستي. فبهذه الخطوات، يَستطيع حضور مصر في شرق إفريقيا أن يتحول إلى رافد إستراتيجي يوازن التأثيرات الإقليمية ويُقدم نموذج شراكة جاذب لدول عدة بالإقليم. الخلاصة: يُشكل التعاون بين مصر وجزر القمر نموذجًا للشراكة الإفريقية – الإفريقية لتأمين المصالح المشتركة؛ إذ يُعزز التنسيق الأمني البحري قدرة مصر على حماية خطوط الملاحة ومكافحة القرصنة في المحيط الهندي، وتيسير الخط الملاحي المباشر ومشروعات الطاقة المتجددة يَجذب الاستثمارات ويُخفض تكاليف التجارة بين البلدين. كما يَمنح التنسيق داخل الاتحاد الإفريقي ومنتدى دول المحيط الهندي للقاهرة وموروني دورًا فاعلاً في رسم السياسات القارية، وتُسهم برامج التبادل الأكاديمي والمنح الدراسية في نقل الخبرات وتعميق الروابط الثقافية والعلمية. ويَضع التواجد اللوجستي والأمني المصري في موروني قاعدة لتعزيز النفوذ في شرق إفريقيا وموازنة التأثيرات الإقليمية والدولية. المصادر: مصر وإفريقيا بوابة الأهرام القاهرة الإخبارية اليوم السابع العربي الجديد الشرق الأوسط الكلمات المفتاحية: زيارة رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة إلى القاهرة – لقاء السيسي وغزالي – العلاقات المصرية مع جزر القمر – الحضور المصري المتزايد في إقليم شرق إفريقياالكلمات المفتاحية
زيارة رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة إلى القاهرةلقاء السيسي وغزاليالعلاقات المصرية مع جزر القمرالحضور المصري المتزايد في إقليم شرق إفريقيا